للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو زكريا التبريزي أنه كان قاعداً في مسجده بمعرة النعمان بين يديه يقرأ عليه شيئاً من تصانيفه قال: وكنت قد أقمت عنده سنين ولم أر واحداً من أهل بلدي فدخل معنا صفة المسجد بعض جيراننا للصلاة فرأيته وعرفته وتغيرت من الفرح، فقال لي أبو العلاء أي شيء أصابك (١) فحكيت له أني رأيت جاراً لي بعد أن لم الق أحداً أهل بلدي منذ سنين، فقال لي قم وكلمه، فقلت له حتى أتمم السبق، فقال: قم، أنا أنتظرك، فقمت وكلمته بلسان الأذربية شيئاً كثيراً إلى أن سألت عن كل ما أردت، فلما رجعت وقعدت بين يديه قال لي: أي لسان هذا؟

قلت: هذا لسان أهل أذربيجان، فقال: ما عرفت اللسان ولا فهمته غير أني حفظت ما قلتما، ثم أعاد علي لفظاً بلفظ ما قلنا، وجعل جاري يتعجب غاية العجب ويقول: كيف حفظ شيئاً لم يفهمه! وكانت ولادته في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ودخل بغداد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ومات يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة بمعرة النعمان. وأبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي - واسم أبي الفهم داود بن إبراهيم بن تميم بن جابر بن هانئ بن زيد بن عبيد بن مالك بن مريط بن سرح بن نزار بن عمرو بن الحارث بن صبيح بن عمرو بن الحارث بن عمرو - وهو أحد ملوك تنوخ الأقدمين - بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة التنوخي، ولد أبو القاسم هذا بأنطاكية في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين ومائتين وقدم بغداد في حداثته وتفقه بها على مذهب أبي حنيفة ، وكان قد سمع الحديث من الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني صاحب مسدد ومن أحمد بن خليد الحلبي صاحب أبي اليمان الحمصي والحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل الأنطاكي والحسين بن عبد الله القطان الرقي ومحمد بن حصن الألوسي وأبي بكر بن الباغندي وحامد بن محمد بن شعيب البلخي ونحوهم، وكان يعرف الكلام في الأصول على مذاهب المعتزلة، ويعرف النجوم وأحكامها معرفة ثاقبة، ويقول الشعر الجيد وله ديوان مجموع، وولي القضاء بالأهواز وسائر كورها وتقلد قضاء ايذج وجند حمص من قبل المطيع لله وحدث ببغداد فروى عنه من أهلها أبو حفص بن الآجري وأبو القاسم بن الثلاج، ومات بالبصرة في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، ودفن في الغد في تربة اشتريت له بشارع المربد.

وحفيده أبو القاسم علي بن المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي سمع أبا الحسن علي بن أحمد بن كيسان النحوي وإسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي وأبا القاسم


(١) في نسخ أخرى " ما أصابك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>