للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبقت بنى الأصفر المصفرّ كاسمهم ... صفر الوجوه وجلّت أوجه العرب «١»

فهذه خاتمة ترى على وجهها الطلاوة، وعصارة الرشاقة، وحسن الخواتم فى كلام المتأخرين أكثر من أن تعد وتحصى، ومن ذلك ما قاله المتنبى فى بعض قصائده السيفيات:

فلا حطّت لك الهيجاء سرجا ... ولا ذاقت لك الدنيا فراقا «٢»

وقال أيضا:

لا زلت تضرب من عاداك عن عرض ... تعاجل النصر فى مستأجر الأجل «٣»

وقال أيضا فى بعض قصائده وقد عرض ذكر الخيل:

فلا هجمت بها إلّا على ظفر ... ولا وطئت بها إلّا إلى أمل «٤»

وقال بعض المتأخرين فى رجل مدحه بقصيدة مستملحة:

إنّى جدير بالنجاح لأننى ... أملت للخطب الجليل جليلا

لا زال فعلك بالعلاء مرصّعا ... أبدا وعرضك بالعفاف صقيلا

وقال آخر فى تعزية عزاها فى أخ له قال فى خاتمها:

وكلّ خطب وإن جلّت عظائمه ... فى جنب مهلكه مستصغر جلل

سقى ضريحا حواه صوب غادية ... مثعنجر الودق وكّاف الحيا هطل

فهذه الخواتم كلها رائقة ملائمة لما قبلها.

وإن الاختتام لفن من البديع بمكان، وإنه لحقيق من بينها بالإحراز والإتقان، وهو آخر الكلام فى أصناف البديع المتعلقة بالفصاحة المعنوية والفصاحة اللفظية، كما مر تقريره، وقد أتينا على معظم أبواب البديع وأصنافه، فإن شذّ شىء على جهة النّدرة، فإنه مندرج تحت ما ذكرناه من هذه الأصناف بل لا يشذ إلا قليل لا يعول عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>