اعتدل الحقّ والباطل قبل الليلة قطّ؛ فضحك عروة، وكان يستخفّ إسماعيل ويستطيبه.
أخبرني الحسن بن عليّ: قال حدّثنا أحمد بن سعيد قال: حدّثنا الزّبير قال: حدّثني عمّي «١» عن أيّوب بن عباية المخزوميّ:
أنّ إسماعيل بن يسار كان ينزل في موضع يقال له حديلة «٢» وكان له جلساء يتحدّثون عنده، ففقدهم أيّاما، وسأل عنهم فقيل: هم عند رجل يتحدّثون إليه طيّب الحديث حلو ظريف قدم عليهم يسمّى محمدا ويكنى أبا قيس. فجاء إسماعيل فوقف عليهم، فسمع الرجل القوم يقولون: قد جاء صديقنا إسماعيل بن يسار؛ فأقبل عليه فقال له: أنت إسماعيل؟ قال: نعم. قال: رحم الله أبويك فإنّهما سمّياك باسم صادق الوعد وأنت أكذب الناس. فقال له إسماعيل: ما اسمك؟ قال: محمد. قال: أو من؟ قال: أبو قيس. قال: لا! ولكن لا رحم الله أبويك؛ فإنّهما سمّياك باسم نبيّ وكنّياك بكنية قرد. فأفحم الرجل وضحك القوم، ولم يعد إلى مجالستهم، فعادوا إلى مجالسة إسماعيل.
أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز قال: حدّثنا المدائنيّ عن نمير العذريّ قال:
استأذن إسماعيل بن يسار النّسائيّ على الغمر بن يزيد بن عبد الملك «٣» يوما، فحجبه ساعة ثم أذن له، فدخل يبكي. فقال له الغمر: مالك يا أبا فائد تبكي؟ قال: وكيف لا أبكي وأنا على مروانيّتي «٤» ومروانيّة أبي أحجب عنك! فجعل الغمر يعتذر إليه وهو يبكي؛ فما سكت حتّى وصله الغمر بجملة لها قدر. وخرج من عنده، فلحقه رجل فقال له: أخبرني ويلك يا إسماعيل، أيّ مروانيّة كانت لك أو لأبيك؟ قال: بغضنا إيّاهم، امرأته طالق إن لم يكن يلعن مروان وآله كلّ يوم مكان التسبيح، وإن لم يكن أبوه حضره الموت، فقيل له: قل:
لا إله إلّا الله، فقال: لعن الله مروان، تقرّبا بذلك إلى الله تعالى، وإبدالا له من التوحيد وإقامة له مقامه.
أخبرني عمّي قال: حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال: حدّثني مصعب قال: