أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد، أنا أبو نعيم الحافظ «١» ، أخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه وحدثني عنه محمد بن إبراهيم، نا أبو العباس بن مسروق، نا محمد بن الحسين، نا محمد بن بشر الكندي، نا عبد الرحمن بن جرير بن عبيد بن حبيب بن يسار الكلابي حدثني «٢» عن أبي حازم قال: خرج سليمان بن يسار حاجّا من المدينة ومعه رفيق له حتى نزلوا بالأبواء «٣» فقال رفيقه وأخذ السفرة وانطلق إلى السوق يبتاع لهم، وقعد سليمان في الخيمة، وكان من أجمل الناس وجها، وأورع الناس، فبصرت به أعرابية من قلّة الجبل «٤» وهي في خيمتها، فلما رأت حسنه وجماله انحدرت عليه وعليها البرقع والقفازان، فجاءت فوقفت «٥» بين يديه فأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر. فقالت: أهيئني «٦» فظن أنها تريد طعاما، فقام إلى فضل السفرة ليعطيها، فقالت: لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله، فقال: جهزك إلي إبليس، ثم وضع رأسه بين كميّه وأخذ في النحيب، فلم يزل يبكي، فلما رأيت ذلك سدلت البرقع على وجهها ورفعت رجليها [بأكواب]«٧» حتى رجعت إلى خيمتها، فجاء رفيقه وقد ابتاع لهم ما يرفقهم، فلما رآه قد انتفخت عيناه من البكاء وانقطع حلقه، قال: ما يبكيك؟ قال: خير ذكرت صبيتي قال: لا، ألاإن لك قصة، إنما عهدك [بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها، فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بشأن الأعرابية، فوضع السفرة وجعل]«٨» يبكي بكاء شديدا، فقال له سليمان: أنت ما يبكيك؟ قال أنا أحق بالبكاء منك، قال: ولم؟ قال: لأني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرت عنها، قال: فما زالا يبكيان، قال: فلما انتهى سليمان إلى مكة فطاف وسعى، أتى الحجر واحتبى بثوبه فنعس، فإذا رجل وسيم جميل طوال شرجب له شارة حسنة، ورائحة طيبة، فقال له سليمان: من أنت رحمك