كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت «١» . ولم يذهب إلى القوم إلّا من بعد ما خرج من بطن الحوت.
قال إسحاق أخبرنا سعيد عن قتادة، عن الحسن قال:
إنّ يونس كان نبيا، ثم صار من بعد ما أنجاه الله من بطن الحوت نبيا رسولا، لأنّ الله يقول: وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ. وَأَرْسَلْناهُ
[يعني]«٢» من بعد ذلك إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ
، قال: والزّيادة عشرون ألفا، وقيل: سبعون ألفا.
قال هشام بن عمار، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا سعيد بن بشير، عن قتادة قال:
إن يونس- عليه السّلام- لقي راعيا من أهل نينوى بعد أن كشف الله عنهم العذاب، فقال له: أنا يونس، فقال الراعي: هات بيّنة على ما تقول؛ فإنّي من قوم إذا حدّث رجل منهم فكذّب قتل. قال: هذه الشاة تشهد لك، وهذه الشجرة. فشهدتا له بذلك، فملكوه «٣» .
وعن الحسن قال:
فرجع يونس، فمرّ براع من رعاة قومه، فقال له: ما فعل يونس؟ قال: لا ندري ما حاله، غير أنّه كان خير الناس، وأصدق الناس، وأخبرنا عن العذاب فجاءنا على ما قال، فتبنا إلى الله، فرحمنا. ونحن نطلب يونس، ما ندري أين هو، ولا نسمع له بذكر. فقال له يونس: هل عندك لبن؟ قال: والذي أكرم يونس ما أمطرت السماء، ولا أعشبت الأرض منذ فارقنا يونس. فقال: ائتني بنعجة، فمسح يده على بطنها، ثم قال: درّي بإذن الله، فدرّت لبنا، فاحتلبها يونس، فشرب يونس والراعي، فقال له الراعي: إن كان يونس حيا فأنت هو، قال: فإنّي أنا يونس، فأت قومك، فأقرهم مني السّلام، قال الراعي: إن الملك قد قال: من أتاني فأعلمني أنّه رأى يونس، وجاءني على ذلك ببرهان جعلت له عليه ملكي، وجعلته مكاني، ولا أستطيع أبلغه ذلك إلّا بحجة، فإني أخاف أن يقال لي: إنّما فعلت هذا القول للملك. قال يونس: تشهد الشاة التي شربت [من]«٤» لبنها. فقال: ما يمنعك يا نبيّ الله أن تأتيهم، فتسلّم عليهم؟ قال: لا يروني أبدا.