وَكَذَلِكَ رُوِيَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ». وَهَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ: وَيُعِينُهَا.
وَفِي أَخْلَاقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «كَانَ يَخْصِفُ النَّعْلَ، وَيَقُمُّ الْبَيْتَ، وَيَخِيطُ الثَّوْبَ». وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَعُودُ الْمَرِيضَ، وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْعَبْدِ، وَكَانَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ عَلَيْهِ إكَافٌ مِنْ لِيفٍ». وَقَالَ «عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ قِيلَ لَهَا: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعْمَلُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنْ الْبَشَرِ، يُفَلِّي ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ».
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: حَتَّى فِي وُضُوئِهِ؛ فَرُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ فِي لَيْلَةٍ كَانَتْ لَا تُصَلِّي فِيهَا، فَأَوَى رَسُولُ اللَّهِ إلَى فِرَاشِهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قَامَ فَخَرَجَ إلَى الْحُجْرَةِ فَقَلَّبَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَجْهَهُ، ثُمَّ قَالَ: نَامَتْ الْعُيُونُ، وَغَارَتْ النُّجُومُ، وَاَللَّهُ حَيٌّ قَيُّومٌ ثُمَّ عَمَدَ إلَى قِرْبَةٍ فِي جَانِبِ الْحُجْرَةِ فَحَلَّ شِنَاقَهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ». خَرَّجَهُ ابْنُ حَمَّادٍ الْحَافِظُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ التَّقَصِّي وَغَيْرِهِ.
وَمِنْ أَفْضَلِ مَا يَخْدُمُ الْمَرْءُ فِيهِ نَفْسَهُ الْعِبَادَاتُ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَتَّى يَكُونَ عَمَلُهَا كُلِّهَا لِوَجْهِ اللَّهِ، وَعَمَلُ شُرُوطِهَا وَأَسْبَابِهَا كُلِّهَا مِنْهُ؛ فَذَلِكَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ إذَا أَمْكَنَ. وَقَدْ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ: «سَأَلْت عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute