وَكَذَلِكَ قَالَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ: إنَّ الْوَاحِدَةَ تَكْفِي قَبْلَ الدُّخُولِ فِي التَّحْرِيمِ بِالْإِجْمَاعِ، فَيَكْفِي أَخْذًا بِالْأَقَلِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ مُخْتَلَفٌ فِي اقْتِضَائِهِ التَّحْرِيمَ فِي الْعِدَّةِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا ثَلَاثٌ فِيهِمَا فَلِأَنَّهُ أَخَذَ بِالْحُكْمِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالثَّلَاثِ لَنَفَذَتْ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا نُفُوذَهَا فِي الَّتِي دَخَلَ بِهَا. وَمِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مِثْلَهُ وَهُوَ التَّحْرِيمُ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ إلَى إيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي التَّحْرِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فَسَادُهُ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا شَيْءَ فِيهَا فَعُمْدَتُهُمْ أَنَّهُ كَذِبٌ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَاقْتَحَمَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧] وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحْرِيمُ فِي الشَّرْعِ مُرَتَّبًا عَلَى أَسْبَابِهِ؛ فَأَمَّا إرْسَالُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الطَّلَاقَ لَكَانَ أَقَلَّهُ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ، إلَّا أَنْ يُعَدِّدَهُ، كَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ التَّحْرِيمَ يَكُونُ أَقَلَّهُ، إلَّا أَنْ يُقَيِّدَهُ بِالْأَكْثَرِ؛ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، فَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُرَادِ. وَقَدْ أَحْكَمْنَا الْأَسْئِلَةَ وَالْأَجْوِبَةَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَالتَّفْرِيعِ.
الْمَقَامُ الثَّالِثُ فِي تَصْوِيرِهَا، وَأَخَّرْنَاهُ فِي الْأَحْكَامِ الْقُرْآنِيَّةِ لِمَا يَجِبُ مِنْ تَقْدِيمِ مَعْنَى الْآيَةِ، وَاسْتَقْدَمْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَالتَّفْرِيعِ؛ لِيَقَعَ الْكَلَامُ عَلَى كُلِّ صُورَةٍ مِنْهَا. وَعَدَدُ صُوَرِهَا عَشْرَةٌ: الْأُولَى: قَوْلُهُ: حَرَامٌ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: عَلَيَّ حَرَامٌ.
الثَّالِثَةُ: أَنْتِ حَرَامٌ.
الرَّابِعَةُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ.
الْخَامِسَةُ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ.
السَّادِسَةُ: مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute