أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: ٤١] وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهَا إحْدَى وَعِشْرِينَ فَمُعَوَّلُهُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجَاوِزُ الْعَشْرَ الَّتِي فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاسِطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، ثُمَّ قَالَ: إنِّي أُوتِيت، وَقِيلَ لِي: إنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَإِنِّي رَأَيْتهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وَكَأَنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ. فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ صَلَّى الصُّبْحَ، فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ، وَوَكَفَ الْمَسْجِدُ؛ فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَجَبِينُهُ وَأَرْنَبَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا أَثَرُ الطِّينِ وَالْمَاءِ».
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُ فِيهَا إلَيْك. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ».
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنِّي رَأَيْت أَنِّي أَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ: فَرَأَيْته فِي صَبِيحَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَجَدَ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ، كَمَا أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، وَفِي خَامِسَةٍ تَبْقَى»، زَادَ النَّسَائِيّ عَلَى مُسْلِمٍ «أَوْ ثُلُثِ آخِرِ لَيْلَةٍ».
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي مُسْلِمٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، «قَالَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ: سَأَلْت أُبَيِّ بْنَ كَعْبٍ، فَقُلْت: إنَّ أَخَاك ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ. فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَرَادَ أَلَّا يَتَّكِلَ النَّاسُ، أَمَّا إنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. فَقُلْت: بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute