فَقَالَ: بِالْعَلَامَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الشَّمْسِ مِنْ صَبِيحَتِهَا أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا».
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَنَزَعَ بِحَدِيثِ النَّسَائِيّ الْمُتَقَدِّمِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا فِي الْأَشْفَاعِ فَنَزَعَ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَشْرَ الْأَوَاسِطَ مِنْ رَمَضَانَ، يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ، فَلَمَّا انْقَضَيْنَ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَقُوِّضَ، ثُمَّ أُبِينَتْ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَأُعِيدَ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ إنَّهُ كَانَتْ أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَإِنِّي خَرَجْت لِأُخْبِرَكُمْ بِهَا، فَجَاءَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ، فَنَسِيتهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ».
قَالَ أَبُو نَضْرَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ: قُلْت لِأَبِي سَعِيدٍ: إنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا. قَالَ: أَجَلْ، نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكُمْ. قَالَ: فَقُلْت: فَمَا التَّاسِعَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ؟ قَالَ: إذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرُونَ فَاَلَّتِي تَلِيهَا اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ فَهِيَ التَّاسِعَةُ، وَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ فَاَلَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ، وَإِذَا مَضَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَاَلَّتِي تَلِيهَا وَهِيَ الْخَامِسَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الصَّحِيحِ فِيهَا وَتَرْجِيحِ سُبُلِ النَّظَرِ الْمُوصِلَةِ إلَى الْحَقِّ مِنْهَا: وَذَلِكَ أَنَّا نَقُولُ: إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣] فَأَفَادَ هَذَا بِمُطْلَقِهِ، لَوْ لَمْ يَكُنْ كَلَامٌ سِوَاهُ أَنَّهَا فِي الْعَامِ كُلِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] فَأَنْبَأَنَا أَنَّهُ أَنْزَلَهُ فِي لَيْلَةٍ مِنْ الْعَامِ.
فَقُلْنَا: مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ نَظَرْنَا إلَى قَوْله تَعَالَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥] فَأَفَادَنَا ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ هِيَ لَيْلَةٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِإِخْبَارِ اللَّهِ أَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ فِيهَا، فَقُلْنَا: مَنْ يَقُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَقَدْ طَلَبَهَا الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِهِ وَفِي أَوْسَطِهِ وَفِي آخِرِهِ رَجَاءَ الْحُصُولِ.
وَقَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute