قَالَ: فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْت؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: صَدَقْت. قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك. قَالَ: صَدَقْت. قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: فَنَكَّسَ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ دَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَحَلَفَ بِاَللَّهِ، وَقَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ، وَلَكِنْ لَهَا عَلَامَاتٌ يَجِئْنَ، إذَا رَأَيْت رِعَاءَ الْغَنَمِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ، وَرَأَيْت الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ مُلُوكَ الْأَرْضِ، وَرَأَيْت الْمَرْأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا، هُنَّ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا اللَّهُ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤]. وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا، ثُمَّ صَعِدَ إلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ مَا كُنْت بِأَعْلَمَ بِهِ مِنْ رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَإِنَّهُ لَجِبْرِيلُ نَزَلَ عَلَيْكُمْ فِي صُورَةِ دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ».
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
قَالَ السُّدِّيُّ: الْمُرَادُ بِهَذَا خَزَائِنُ الْغَيْبِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ، وَقَرَأَ الْآيَاتِ الْخَمْسَ الْمُتَقَدِّمَةَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى عِلْمِ الْغَيْبِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ: افْتَحْ عَلَيَّ كَذَا أَيْ أَعْطِنِي، أَوْ عَلِّمْنِي مَا أَتَوَصَّلُ [بِهِ] إلَيْهِ.
فَأَمَّا قَوْلُ السُّدِّيِّ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفَاتِحِ الْخَزَائِنُ فَمَجَازٌ بَعِيدٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَعِلْمٌ سَدِيدٌ مِنْ فَكٍّ شَدِيدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute