للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملاً … وفي الثلاث وفاءً للثمانين

فلما بلغ تسعين سنة قال (١):

كأني وقد جاوزت تسعين حجةً … خلعتُ بها عني عِذار لجامِ

رمتني بناتُ الدهر من حيث لا أرى … فكيف لمن يُرمى وليس برام؟

فلو أنني أُرمى بنبل رأيتها … ولكنني أُرمى بغير سهام

ولما بلغ مائة سنة وعشرة قال:

أليس في مائة قد عاشها رجل … وفي تكامل عشرٍ بعدها عمر!

فلما بلغ مائة وعشرين سنة قال:

غَلب الرجالَ وكان غير مغلَّب … دهرٌ طويل دائم ممدود

دهرٌ إذا يأتي عليّ وليلة … وكلاهما بعد المضي يعود (٢)

فلما حضرته الوفاة قال لابنه: إن أباك لم يمت، ولكن فني! فإذا قبض أبوك فأغمضه، وأقبله القبلة، وسجه بثوبه ولا أعلمن ما صرخت عليّ صارخة ولا بكت عليّ باكية. وانظر إلى جفنتي اللتين كنت أصنعهما فأصنعهما ثم أحملهما إلى مسجدك، ومن كان (٣) عليها حضور، فإذا سلم الإمام فقدمهما إليهم يأكلوا، فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم


(١) هذا ما حكاه المصنف، وتقدم قبل تعليقه واحدة أن لبيدا أنشد ذاك البيت لما بلغ التسعين، وهو الظاهر، فإن هذا الأبيات الثلاثة ليست للبيد، إنما هي لعمرو بن قميئة، ذكرها له المرزباني في " معجم الشعراء " ص ٣، وذكرها وزاد عليها أبو حاتم السجستاني في " المعمرون " ص ٧٨ و ١١٣. وقد تمثل بها عبد الملك بن مروان وهو مريض أمام الشعبي فحكى له الشعبي أبيات لبيد هذه التي قالها عند بلوغه كل مرحلة من هذه المراحل، يريد تسليته وتبشيره بطول عمره، فلم يكن ذلك، ومات من ليلته تلك، عن ستين سنة. انظر " المعمرون ".
(٢) وفي " الاستيعاب " أنه أنشد:
ولقد سئمت من الحياة وطولها … وسؤال هذا الناس: كيف لبيد
وفي " المعمرون:
وغنيت سبتا بعد مجرى داحس … لو كان للنفس اللجوج خلود
فلما بلغ أربعين ومائة قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها …
(٣) بياض في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>