للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بلوغ الأجل هنا هو بلوغ أقصى العدة، فالبلوغ هنا غير البلوغ في الآية السابقة، إذ الأول كان للمقارنة والمشارفة، وهنا للانتهاء والسياق هو الذي عيَّن معنى البلوغ في الأول كما بينا، وهو الذي عيَّن معنى البلوغ الثاني، إذ إن العقد المعبر عنه بقوله تعالى: (أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) يدل على أن المراد هو انتهاء العدة؛ إذ لا يتصور النكاح وهو العقد الذي يكون من طرفين إلا بعد انتهاء العدة؛ ولذا قال الشافعي رضي الله عنه في هذه الآية والتي سبقتها: (دل سياق الكلامين على اختلاف البلوغين).

والعَضْل معناه هنا المنع الظالم، وأصله بمعنى الحبس والتضييق مع الألم، ومنه: عضلت الدجاجة إذا تعلقت بها بيضتها فلم تخرج منها، وعضل المرأة يمنعها من الزواج من غير مبرر فيه حبس لها وتضييق عليها، وإرهاق لنفسها ولحسها.

وإن النساء اللائي يطلقن يتعرضن لظلم المطلقين، فيحاول المطلقون أن يرهقوهن من أمرهنَّ عسرًا، بأن يمنع كل مطلق من طلقها من أن تتزوج من غيره، خصوصًا إذا كان صاحب سطوة باغية، أو كان ذا جبروت طاغية؛ وتلك نزعة جاهلية، لَا يقرها عرف ولا شرع ولا عقل، ويتعرض أولئك المطلقات لظلم ذويهن، فقد يردن العودة إلى أزواجهن، ويتراضين معهم على ذلك، ولكن يقف الولي محاجزًا، حاسبًا أن ذلك مهانة له ولها، كما فعل بعض الناس في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وقد ترتضي المطلقة رجلا زوجا لها، عِفا في عرضه، تقيًا في دينه فيملأ نفسها؛ ولكن لَا يرتضيه أولياؤها لأمر لَا ينقص من قدره، كفقر أو نحوه، فيمنعونها من ذلك الزواج!

<<  <  ج: ص:  >  >>