للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩)

* * *

إن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعا لمن يتوب ويحسن التوبة، كما قال سبحانه وتعالى: (قلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ. . .)، فباب التوبة مفتوح، والتوبة أحب إلى الله من العقاب، ولذلك فتح باب التوبة لهؤلاء، التي كانت حالهم ما بينا، استثنى التائبين في هذا النص الكريم، والمعنى أن اللعنة مستمرة، والعذاب لَا يخفف إلا للذين تابوا من بعد إجرامهم وأصلحوا، ومعنى ذلك أن يقوموا بعمل صالح، فالتوبة الحقيقية مظهرها العمل الصالح، وهو ركن من أركانها وغايتها الجوهرية، فمن ادعى التوبة من غير عمل، فهو كاذب فيها، ومن تاب تلك التوبة النصوح (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي بمقتضى اتصافه البالغ بالغفران يقبل التوبة، وبمقتضى الرحمة يَجُبُّ ما كان من سيئات، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار.

* * *

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٩١) لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)

* * *

بين الله سبحانه وتعالى حال أولئك الذين أَرْكَسُوا أنفسهم في الضلالة وقد جاءتهم البينات من ربهم، وشهدوا أن الرسول حق، بين حالهم في الدنيا وحالهم في الآخرة، وأن مصيرهم إلى النار، إلا إذا تابوا وعملوا عملا صالحا، فإن الله تواب رحيم، وإن الآيات السابقة تشير إلى احتمال توبتهم بيقظة الضمير بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>