للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ) أي يحيط بهم، وذكر الوجه والظهر لأنه إذا أحاط بهما أحاط بالجانبين لَا محالة فلا يصل إلى الظهر إلا إذا أحاط بالشمال واليمين، فالنار تحيط بهم، ولا يستطيعوا كفها وذلك العجز عن كفها لأنه يقتضي الإحاطة بهم، كما قال تعالى: (لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ. . .)، وكما قال تعالى: (سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَان وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ)، وكما قال تعالى: (لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ منَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ. . .).

و (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) العلم هنا بمعنى المعرفة، وهي الجزم المطابق للواقع، وعبر بالمضارع لتصوير حالهم عندما يعاينون العذاب، وينزل بهم العذاب الشديد، وجواب الشرط محذوف يدل على عظيم الهول وتقديره لرأوا هولا لم يدركوا كنهه، ولم يعرفوا أمره، كما في قوله تعالى: (. . . وَلَوْ يَرى الَّذينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ. . .)، وعبر تعالى بقوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا) للإشارة إلى أن الكفر هو سبب ذلك الهوان العظيم، (وَلا هُمْ يُنصَرُونَ) أي أن العذاب ينزل بهم لا يستطيعون كفه ولا يوجد من ينصرهم، ويكف عنهم، هذا ما يستعجلونه، ويتحدون أن يكون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

تحدوا أن يذكر لهم متى هذا الوعد، وهو يوم القيامة، وقد بادر سبحانه بذكر ما يكون لهم في هذه مما لَا يسوغ لهم أن يستعجلوه، ثم ذكر لهم أنه لَا يأتي في وقت معلوم، بل يأتي فجأة فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>