للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ).

يخاطب الله نبيه الكريم بقوله: (فَإِن كذَّبُوكَ) كافرين برسالتك، فلا تجعلهم في يأس من أن يتوبوا، وينتهوا من كفرهم إلى إيمان بربهم، وقل لهم عن ربك فاتحا باب التوبة والإيمان من غير أن تؤيسهم (رَبُكمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَة) أي صاحب رحمة وسعت كل الوجود أنعم على الناس بالوجود، والنعم المترادفة لعصاتهم والطائعين فيهم، وقد فتح باب التوبة للعصاة، والثواب ثابت للطائعين. وإنه مع هذه الرحمة الواسعة التي وسعت كل عاص يفتح باب التوبة له، والطائع بالثواب والنعيم المقيم، إنه سبحانه مع ذلك لَا يترك العصاة المصرين من غير عقاب إذا استمروا على غيهم؛ ولذا قال تعالى:

(وَلا يُرَدُّ بَأسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).

البأس الشدة، والظاهر أن المراد هنا العذاب الأليم يوم القيامة، وعبر سبحانه بقوله: (الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)، بلفظ القوم؛ لأن الإجرام يكون في جماعة تتضافر على الشر ويتعاونون على الإثم والعدوان، ونادر أن يكون من واحد بمفرده، أو عدد متنافر غير متجمع متعاون على الشر. هذا وإن سنة الله تعالى في كتابه الحكيم أن فتح التوبة مرغبا فيها، وأن يذكر بجوارها العقاب، كما قال تعالى:

(. . . وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ للنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَاب).

وكما قال عز من قائل: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠).

وكقوله تعالت كلماته: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤).

وكقوله سبحانه: (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ).

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>