للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ... (٢٥٩)

هذه الآيَة مرتبطة بالسياق والعطف بالآية قبلها، والعطف في المعنى واللفظ أو في المعنى فقط، ونسق القول هكذا: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك، أو ألم تر كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها والكاف هنا بمعنى مثل فالمعنى: أولم تر مثل هذا الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها؛ ولأن القصة الأولى قصة نبي معلوم من أولي العزم من الرسل مع ملك طاغية في زمانه لم يعبر بالكاف، أما هذه فلأن الشخص غير معلوم والمكان غير معلوم والقرية غير معلومة ذكر سبحانه الكاف فقال: (كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) لأنه إذا لم يعلم الشخص ولا الزمان ولا المكان كان المقصود العبرة وبيان الحال والشأن فناسب ذلك التعبير بالكاف التي هي بمعنى مثل وإن كانت القصة لها حقيقة واقعة كما ذكر سبحانه وهو العليم الحكيم.

والقرية المدينة من القَرْي بمعنى الجمع؛ لأنها الجامعة لأشتات الناس وأصنافهم. ومعنى خاوية على عروشها، أي سقطت جدرانها على سقوفها؛ لأن العرش معناه السقف، والتعبير بـ (خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) كناية عن خرابها وذهاب عمرانها وفناء أهلها، وأنه لم تعد لهم من باقية وقد خرجوا من هذه الدنيا الفانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>