للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨)

" الواو " واصلة ما بعدها بما قبلها، (آتَيْنَا) أي أعطيناه ومكناه منه، و (الْفرْقَانَ) هو التوراة لأنها فرقت بين الحق والباطل، وبين قوم ليس لهم سلطان وقانون يحكمهم في ماضيهم وأن صاروا من بعدها لهم قانون يحكمهم وسلطانهم من أنفسهم، كما قال تعالى منعما عليهم: (. . . وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا. . .)، أي مستقلين سلطانكم من أنفسكم.

وقال بعضهم: إن الفرقان هو نجاتهم في البحر، إذ فرق الله البحر فصار كل فرق كالطود العظيم، وفي الحق: إن الفرقان يشمل بعمومه كل فارق بين أمرين، فآتاه الله تعالى أن انفلق البحر بعصاه، وأخرج بني إسرائيل من الذل والهوان إلى العزة والقوة، وأن يطبقوها، ويتحملوا واجباتها وتبعاتها حتى اضطر موسى لأن يتركهم يتيهون في الأرض أربعين سنة ليتعودوا حياة الباس والقوة، ومهما يكن فإن الله تعالى آتى موسى كل ذلك، ولعل ذلك هو السر في قوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَا موسَى وَهَارُونَ الْفرْقَانَ) ولم يقل تعالى: " وأنزلنا الفرقان " وقال: (وَضِيَاءً وَذكْرًا لِلْمتَّقِينَ) الضياء النور الهادي المرشد، وهو هنا المعجزات التسع التي بعث اللَّه تعالى موسى عليه السلام بها، والتعبير عنها بالضياء من قبيل الاستعارة فشبهت بالضياء، لأنها مرشدة هادية معرّفة كالضياء وهي نور، وهي ذات الضياء، وسماها سبحانه وتعالى (ذِكْرًا) لأنها مذكرة بالحق دائما، ولكن بشرط أن تكون قلوب متفتحة للحق، ولذا

<<  <  ج: ص:  >  >>