للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٧٥)

العبد هو الفتى الملوك، وذكر وصف مملوك ليتميز عن الحر، الذي لَا مالك له، وكان التمييز ضروريا؛ لأن الجميع مملوك للَّه تعالى، يستوي في المالك، ومن يملكه من الرقيق، ومعنى (لَا يَقْدِرُ علَى شيْءٍ)، أي لَا يقدر على التصرف في شيء من الأشياء وفي ذلك بيان لأنه مقيد، قد وجد غل الرق في رقبته، وأثقله، فهو لا يقدر على شيء مادي، ولم تكن له إنابة من مالكه أو عقد مكاتبة، يستطيع به التصرف ليطلق نفسه، بل هو قن مقيد بالرق، ومقيد بأنه لَا سلطان له في التصرف، أي فيه العجز المطلق ".

(وَمَن رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا)، (من) هنا نكرة تدل على ما هو في مقابل المملوك، وهو إلى المالك لكل تصرفاته التي يقدر على كل شيء، ومع هذه القدرِة التي ثبتت له بمقتضى الحرية رزقه اللَّه تعالى رزقا حسنا؛ ولذا قال تعالى: (وَمن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا) والحسن هنا معناه الطيب في ذاته، في خبيثا في سببه فسببه طيب حلال لَا حرام فيه ولا شبهة حرام، وإضافته سبحانه وتعالى إليه لبيان أنه جاء إليه سهلا ميسرا من غير جهد، وإن كان حلالا، ولبيان أن كل الأرزاق من اللَّه وليست الأسباب مؤثرة بإيجاد الرزق إنما هي أسباب جعلية وليست بأسباب

<<  <  ج: ص:  >  >>