للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨)

الاستثناء هنا يصح أن يكون منقطعا عند بعض المفسرين، ويكون المعنى لكن من استرق السمع، وعلم بعض الأمور التي لَا يصح إعلانها من أسرار هذا الكون السامي، ولا يكون ذلك إلا بتقدير اللَّه تعالى.

وعندي أن الاستثناء متصل، لأن (الفاء) في قوله: (فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مبِينٌ) وهي تفيد ترتب ما بعدها على ما قبلها تبعد أن يكون الاستثناء منقطعا، وإذا كان متصلا يكون المعنى حفظه سبحانه من كل شيطان مرجوم أن يتطاول فيعبث، وأقصى ما يصل إليه أن يسترق السمع، أي أن يأخذ معلومات عن طريق الخفية كمن يسترق السمع،) تصديقا لقوله تعالى: (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ).

وإن هذا الذي يكون كمن يسترق السمع، ويتخذ ذلك طريقا لمعرفة ما لم يعرف، لَا ينجو، بل ينزل اللَّه تعالى عليه ما يحرقه، قبل أن يكشف علم ما نهى عنه " ولذا قال تعالى: (فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مبينٌ) والشهاب) كوكب مضيء، كما قال تعالى: (. . . فَأتْبَعَهُ شهَابٌ ثَاقِبٌ)، فهو نار مشتعلة أو شعلة مضيئة، ويقول ابن عباس: تصعد الشياطين أفواجا تسترق السمع، فينفرد منها، فيرمى بالشهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>