للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٤٥)

(الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها وهو حالهم التي هم عليها، ولكن تأخرت الفاء؛ لأن الصدارة تكون للاستفهام والمعنى أفعلوا ما فعلوا ودبروا السوء، وآذوا ودبروا الأمور المسيئة في نفسها أفأمنوا أن يخسف اللَّه تعالى بهم الأرض، بأن تنحط الأرض حتى تبتلع ديارهم وأموالهم، أغفلوا وأمنوا مكر اللَّه وقد دبروا السيئات وفعلوا وأرادوا، ويميل بعض المفسرين إلى أن السيئات وصف لموصوف محذوف تقديره " أفأمن الذين مكروا المكرات السيئات "، ونحن نرى أنه لَا حاجة إلى تقدير موصوف محذوف؛ لأن المكر وهو التدبير متجه إلى إنشاء السيئات فهم دبروا السيئات في إيذاء المستضعفين، ودبروا السيئات في الأقوال والأفعال طوال إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهم في مكة، لم يتركوا نوعا من السيئات إلا دبروها.

وهم يعلمون قوة اللَّه القاهرة، وأنه الذي يلجأ إليه في الملمات، فلم يكونوا جاهلين لها، وإن عبدوا مع اللَّه الأحجار والأوهام، فإذا نبههم اللَّه تعالى بأنه قادر على خسف الأرض من تحتهم فهم لَا يجهلون ذلك.

وقد قال تعالى منبها لهم، ومثيرا لعلمهم بقدرة اللَّه تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧).

ثم قال تعالى:.

<<  <  ج: ص:  >  >>