للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) هذا النص وما يليه فيه عزاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليصبر على ما يصيبه من المشركين وأهل الكتاب عامة، ومن اليهود خاصة، ففيها بيان لما أصاب موسى عليه السلام، وهو من أولي العزم من الرسل، في سبيل الدعوة، مع ما أجراه الله تعالى على يديه من نعم وآلاء، ومع ذلك جبنوا عندما دعاهم إلى الحق، وكان منهم أعداء له، فمهما ينزل بالنبي من الكفار عامة واليهود خاصة يجب أن يصبر عليه، صبر المتوقع له، الذي ينتظره، كما قال تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أولوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ. . .).

ومعنى النص الكريم: اذكر يا محمد حال موسى مع قومه، بعد أن رأوا الآيات المحسوسة، وبعد أن نزل عليهم من النعم والآلاء، وحال قومه معه. لقد دعاهم إلى الجهاد بقوله: (يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) ابتدأ بالنداء بقوله: (يَا قَوْمِ) تذكيرا لهم بما يربطهم من رابطة الدم والقرابة التي تجعله منهم، يهمه ما يهمهم، ويسعده ما يسعدهم ويعزه ما يعزهم، فوق أنه رسول الله تعالى إليهم، وهو بهذا يقربهم إليه، ليقرب إلى نفوسهم، والتذكير كان بنعمة الله تعالى عليهم التي توجب عليهم الطاعة، وقد ذكر سبحانه وتعالى نعما ثلاثا بقوله تعالى: (إِذْ جَعَلَ فِيكمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ) نعم ثلاث بينات واضحات، فالنعمة الأولى أنه سبحانه جعل فيهم أنبياء، أي أنه سبحانه بعث فيهم أنبياء منهم يهدونهم ويرشدون، وكانوا كمصابيح في ديجور الظلام، ونورا في عمياء الضلالة، ولا منة أجل من الهداية والسير في طريق الحق، ولا نقمة أشد من نقمة الضلالة والسير في طريق الفساد.

والتنكير في قوله تعالى: (أَنْبِيَاءَ) للكثرة، اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء كثيرين، ويكون ما اختصوا به هو كثرة الأنبياء قبل موسى وبعده، ولا يقال: إن الأنبياء كانت فيهم وحدهم، لآن الله تعالى يقول: (. . . وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ)، ويقول سبحانه: (. . . وَمَا كنَّا مُعَذِّبِين حَتَّى نَبْعَثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>