للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... (١٢٩)

* * *

هذا تأكيد للنفي السابق في قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) إذ الأمر في السماوات والأرض كله لله تعالى، وسلطانه تعالى على ما في السماوات والأرض سلطان المنشئ والمدبر والمالك والعالم بماضي ما فيها وحاضره ومستقبله، خلق كل شيء فقدره تقديرا، وهو يعلم بما يجري فيه، وما سيكون من شأن له في المستقبل فهو علام الغيوب الذي لَا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وإذا كان كذلك فلا سلطان لأحد سواه، وليس لأحد مهما أعلى الله تعالى منزلته، واختصه بفضله ورحمته، شيء من الأمر، وهو سبحانه وتعالى يعلم توبة التائب قبل أن يتوب، وإصراره على الذنب قبل أن يموت، وهو الذي يغفر إن شاء، ويعذب من يشاء، ولذا قال بعد ذلك للدلالة على كمال سلطانه: (يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيعَذِّبُ مَن يَشَاءُ).

وسلطانه تعالى في هذا مطلق لَا قيد يقيده، لأنه الحكم المطلق الذي لَا يرد حكمه، والقادر المهيمن القاهر فوق عباده، ولقد قيد الزمخشري الغفران بالتوبة، ويقول في ذلك: (عن الحسن البصري) يغفر لمن يشاء بالتوبة ولا يشاء أن يغفر إلا للتائبين، ويعذب من يشاء) ولا يشاء أن يعذب إلا المستوجبين لعذابه، وعن عطاء: (يغفر لمن يتوب إليه، ويعذب من لقبه ظالما. .) ويشير إلى اختيار ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>