للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)

* * *

هذا وصل لما ابتدأه الله سبحانه وتعالى من بيان مكانة التوراة التي أنزلت على موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم، إذ قد بين سبحانه وتعالى أن التوراة فيها هدى ونور، وأنها قد طبقت أزمانا، وأن الذين طبقوها أنبياء موحى إليهم، وفقهاء استخلصوا أحكامها، وأرشدوا الناس إلى معانيها مؤمنين بها، ونفذها ربانيون يحكمون بالحق مبتغين مرضاة الله تعالى، ولا يبغون عن الحق حولا.

وفى هذه الآيات يبين الله تعالى من شريعة القصاص، فقد قال تعالت كلماته: (وَكتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ).

ومعنى النص الكريم أننا فرضنا وقررنا حكما مكتوبا خالدا غير قابل للمحو في أي عصر من العصور أن النفس مقابلة بالنفس تؤخذ بها، وتكون بدلا، النفس مأخوذة بالنفس، أو أن النفس عنها، فالباء هنا للمقابلة، كمقابلة بين الثمن والبيع، فكما أن المقابلة تكون في البيوع تكون في النفوس إذا اعتدت، وتصير نفس الجاني كأنها شيء من الأشياء وهو الذي أهانها.

وقوله تعالى: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) يبين أن النفس بعمومها من غير تخصيص مقابلة بالنفس بعمومها من غير تخصيص، فالعبرة بالتساوي في الإنسانية، وفي النفس الآدمية، فلا تفاضل بين نفس غني وفقير، ولا نفس أمير وخفير، فالنفس بالنفس إن كان اعتداء، ونفس المرأة كنفس الرجل على سواء، ولا التفات لقول

<<  <  ج: ص:  >  >>