للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ... (٥٣)

* * *

إن الكفار من وثنيين وكتابيين لم يؤمنوا بالقرآن، ولا بما اشتمل عليه، يوجه الله تعالى إليهم سؤالا استنكاريا فقال: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأوِيلَهُ)، و " النظر " هنا بمعنى الانتظار كقوله: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ منَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وِإلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ).

والاستفهام هنا إنكاري لنفي الوقوع، والمعنى لَا ينتظرون إلا تأويله.

والتأويل هنا معرفة المآل والعاقبة، أي لَا ينظرون إلا أن يروا مآلهم وعاقبتهم، لقد أنكروا البعث وأنكروا الحساب والعقاب، فهل ينتظرون أن ينزل ذلك بهم واقعا لا فكاك عنه، حيث يأتيهم ما أنكروه من بعث، وحساب ومن ذلك عقاب وثواب. وإن تأويل القرآن كما قال ربيعة: لَا يزال يجيء آنًا بعد آنٍ، فكل خبر فيه يتحقق حتى يجيء الخبر الأكبر، وهو البعث والنشور والحشر والميزان، والصراط وما أخبر به مما ينكرونه، ولا يؤمنون به.

وعلى ذلك لَا تكون كلمة التأويل مرادا بها التفسير، إلا أن يراد هذا التفسير الواقعي الذي يكون يوم القيامة، وإنه عندم يجيء ذلك المآل الحق يتذكر الناسون، ويتنبه الغافلون، ويرون لنا عيانا ما أنكروه في الدنيا جهارا؛ ولذا قال تعالى: (يَوْمَ يَأتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)، أي الذي نسوا تأويل الكتاب من قبل أي وهم في الدنيا متذكرين قد ذكرتهم الزواجر وقرعت حسهم العقوبات (قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)، أي ور جاءت هذه الرسل منذرة ومبشرة داعية إلى الحق، ولتتميم قولهم وعاندناهم وجحدنا بالآيات

<<  <  ج: ص:  >  >>