للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ... (٤٢)

ذكرت في الآية السابقة الغنائم التي أخذت في بدر، وكيف توزع، واختص الله تعالى بالذكر الخمس على الضعفاء، والذي ذكر باسم الله ورسوله.

ولكي تقى النفوس شحها، أشار سبحانه إلى أن النصر كان من عند الله، وفى هذه الآية: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا. . .) يبين سبحانه وتعالى أن الموقعة كلها كانت بتدبير الله تعالى، ولم تكن بتدبيرهم، ولا بتدبير المؤمنين، ولو تواعد الفريقان لاختلفا في الميعاد.

وإذ في قوله تعالى: (إِذْ أَنْتُمْ) متعلقة بمحذوف معناه: اذكر يا محمد أنت ومن معك إذ أنتم بالعدوة الدنيا، وقد جئتم لمصادرة العير، لم تريدوا نفيرا، ولكن تريدون عيرًا، وقد أفلتت منكم، وهي أسفل منكم، أي أسفل من المدينة عند سيف البحر، فجاءكم جيش هو بالعدوة الدنيا، وقد قال بعض المفسرين: إن (إذ) بدل من يوم الفرقان، وذلك جائز، ولكن نختار ما ذكرنا؛ لبعد ما بين البدل والمبدل منه، ولأن تعلقها بمحذوف تكون ابتداء لكلام مستقبل فيه عبرة واضحة، وبيان لأن النصر من عند الله العزيز الحكيم استقلالا، ولأن ذكر يوم الفرقان لبيان التذكير به والإيمان بما فيه.

و (العُدْوَةِ) أعلى الجانب، و (الدُّنْيَا) مؤنث أدنى، والبعد والقرب بالنسبة للمدينة، و (الْقصْوَى) مؤنث أقصى، وهو القاصي عن المدينة، (وَالركْبُ أَسْفَلَ مِنكمْ)، الركب هو العير الذي كانت فيه متاجر قريش، وخرج المسلمون لأخذها

<<  <  ج: ص:  >  >>