للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) العطف هنا على قوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّه الرُّسُلَ. . .). فإن

هذا كله صورة للمجاوبة التي تكون يوم القيامة بين الرسل، وأقوامهم، ومن بعثوا إليهم بشكل عام، وخص عيسى - عليه السلام - في هذا المقام بالمجاوبة؛ لأنه كان أكثر الرسل افتراء على شخصه النبوي الكريم، إذ ادعوا عليه الألوهية، وكان نداؤه بذكر: (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) للإشارة إلى الولادة الطبيعية التي تنفي أن يكون إلها أو ابن إله، أو فيه عنصر الألوهية بأي وضع من الأوضاع؛ لأن الألوهية والبشرية نقيضان لَا يجتمعان، فلا يمكن أن يكون البشر فيه ألوهية، ولا الإله فيه بشرية، ومعنى (اتخذوني)، اجعلوني، والتعبير بـ اتخذوني أو اجعلوني يدل على أنه ليس له حقيقة، بل هو في ذاته اتخاذ بما لَا أصل له.

والاستفهام للتقرير، أي ليقر عيسى - عليه السلام - بخلافه، ذكر الحقيقة في ذلك اليوم الذي لَا تجزي نفس عن نفس شيئا، والذي يتقرر الجزاء وليس وقت العمل، فيه توبيخ لهم، وتكبير لذنوبهم، وبيان لافترائهم، وعظمه وهو من قبيل إحضار أعمالهم وأقوالهم، وبذلك يرد الاعتراض الذي يورده العلماء إذ يقال كيف يسأل الله تعالى عيسى وهو سبحانه وتعالى يعلم أنه لم يقل شيئا من هذا، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>