للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨)

في الآية السابقة استعجلوا العذاب وتحدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم به قريبا بعد أن ذكر لهم اللَّه القرى التي أهلكت وهي ظالمة، وفي هذه الآية ضرب لهم الأمثال بمن أملى لهم، وأمهلهم من القرى، وأن ذلك الإمهال قد غرهم أو اغتروا به ولم يفلتوا فقال: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ)، فـ (كَأَيِّنْ) هنا كأختها السابقة بمعنى (كم) الخبرية الدالة على الكثرة، أي كم من قرية أهلكناها (وَهِيَ ظَالِمَةٌ)، والجملة حالية، أي وهي في حال ظلم قد أحاطوا بأعمالها من شرك وعتو، وكبر وفساد في الأرض فأمهلها سبحانه مع بقاء هذه الحال، ثم جاءها العذاب من حيث لَا يتوقعون بياتا أو هم قائلون، أو ضحى وهم يلعبون.

ولذا قال تعالى: (ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ)، (ثُمَّ) للتراخي ليتناسب التراخي مع الإمهال الذي أملى اللَّه تعالى به لهم، وإضافة الأخذ إليه سبحانه فيه تهديد شديد لأن الآخذ لهم القوي الجبار الذي لَا يفلت عن قدرته شيء، ثم قوله تعالى: (وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ)، أي أنهم يصيرون إليه سبحانه، وهو الذي أنذر وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، وهو شديد المحال، يجزيهم بما اكتسبوا من سوء وإيذاء وإضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>