للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣)

التخسير مصدر كلمة " خسَّر " أي تضعيف الخسارة، وذلك أنهم بردهم لدعوته ومحاولة أن يكون معهم ويتبع ما كان عليه آباؤهم، يجعلون الخسارة مضاعفة له بردهم دعوته وعصيانه للَّه تعالى إن لم يبلغ دعوته.

وهو سبحانه ينقل قوله لهم فيقول تعالى عنه: (أَرَأَيْتمْ) الاستفهام للتنبيه والتقرير، والمعنى لقد رأيتم وعلمتم هذه الحال التي أكون عليها، (إِن كنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي) أي بصيرة وإدراك وحجة بينة واضحة بعبادته وحده، (وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً) وهي الرسالة التي كان اصطفائي بها رحمة بي ورحمة بكم، فإذا عصيته بعدم تبليغها واتباع أهوائكم (فَمَن يَنصُرنِي) أي يعصمنِي من اللَّه إن عصيته بالامتناع عن التبليغ واتباع ما تدعونني إليه، (فَمَا تَزِيدُوننِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) أي فإنكم بهذا لَا تزيدوني غير خسارة مضاعفة بكفركم وعدم استجابتكم، وبامتناعي عن التبليغ ثم باتباعي أهوائكم، وتلك خسارة مضاعفة، بعد هذا ذكر لهم المعجزة، وقد كانوا في الصحراء وسفينتهم فيها الناقة تقطع الفيافي والقفار في صبر ووداعة وأناة فكانت المعجزة من جنسها، ناقة لها خواص ليست لكل صواحبها تجعلها غير مشابهة لهم، وهي آية لهم ونذير، إن اعتدوا عليها، وجعل لها شِرب أي ماء، غير شِرب سائر النوق، فقال لهم عليه السلام فيما قصَّ اللَّه تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>