للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩)

منن كثيرة في منة واحدة، وهي إنقاذه من سكين فرعون الظالم القاسي الذي حاول الظالمون القساة أن يقلدوه في ظلمه لمخالفيه، وطغيانه عليهم من غير رحمة أو رأفة إنسانية، وقد رأينا ذلك وعايناه في طاغية كان دون فرعون شأنا ولكنه كان أشد منه غلظة فما رأيناه من فرعون في معاملته لبني إسرائيل بحسبان أنهم ليسوا من بني جلدته، وغلطة هذا أشد في أنه كان يفعله مع بني جلدته، وهو ظلم وفحش فيه في الحالين، وإن كانت إحداهما أشد وأغلظ. (إِذْ أَوْحَيْنَا إَلَن أُمِّكَ مَا يُوحَى) " إذ " ظرف للزمن الماضي، وهي متعلقة بـ (مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى)، و (أَوْحَيْنَا) أي بالإلهام أو بالمنام بالرؤيا الصادقة، وهي جزء من ستة وأربعين جزءا من الوحي وقوله: (مَا يوحَى) أي الأمر الذي من شأنه ألا يعلم إلا بالوحي؛ لأنه من الغيب الذي لَا يعلم إلا من قبل الله تعالى. كما قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ. . .)، وقد تعلقت بهذا الوحي مصلحة دينية، وعدل أرضيّ، أما المصلحة الدينية فهي نجاة من كتب الله تعالى في غيبه المكنون أن يكون نبيا وكليما ومن المصطفين الأخيار، وأما إقامة العدل الأرضيّ فهو كف فرعون عن بني إسرائيل الذي كان يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، وإن الله يرسل في الأرض من ينجي عباده من ظلم الظالمين، وفساد والمفسدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>