للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) هذا وصف للذين يسارعون في الكفر عامة وفي اليهود خاصة، وهم مرنوا على سماع الباطل واستمرءوه وأضافوا إلى ذلك وصفا من بابه، وهو أنهم يستمرئون المال الخبيث الذي ينبت من باطل، وإذا كانت آذانهم تستمرئ باطل القول وزوره، فأفواههم وذممهم تستمرئ أكل أموال الناس بالباطل، والسحت كما يفهم من مصادر اللغة وآثار التابعين والصحابة، كل كسب يكون بطريق آثم، ومن ذلك الرشوة والربا، وأخذ الأجور في الشفاعات، وقد سئل عبد الله بن مسعود عن السحت، فقال: الرجل يطلب الحاجة للرجل فيقضيها فيهدي إليه هدية فيقبلها (١)، وإذا كانت الهدية في مقابل قضاء الحاجات سحتا، فماذا يكون كسب الجاه والمال والمناصب، وما تدر عليه من مال بطريق النفاق والفتاوى الباطلة في الدين، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به " (٢).

وذكر الطبري الأصل اللغوي لكلمة سحت، فقال: " وأصل السحت (٣) كَلَبُ الجوع، يقال: فلان مسحوت المعدة، إذا كان أكولا، لَا يلفى أبدا إلا جائعا،


(١) عَنْ أبِي أُمَامَةَ عَنْ النبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " منْ شَفَعَ لأَخِيهِ بِشَفَاعَة فَأهْدَى لَهُ هَدِيَةً عَلَيْهَا فَقَبِلَهَا، فَقَدْ أتَى بَابًا عَظِيما منْ أبْوَابِ الربا " [رواه أبو داود: البيوع - الهدية لقضاء الحاجة (٣٥٤١)، وأحمد: باقي مسند الأنصار (٢١٧٤٨)]. أوردته لغلبة الغفلة عنه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) كما في جامع البيان ج ٦، ص. ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>