للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)

أي تقدم إليهم في كتابهم الذي نزل عليهم، كما قال تعالى:

(وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ)، وقيل أوحينا إليهم علما مقطوعا مبتوتا، ولا شك أن الوحي هنا توجيه نفسي، وتصريف

للقلوب؛ لأنها غوت وضلت، وما كان اللَّه تعالى يوحي بفساد وإنما هو من إغواء الشيطان. والكتاب هو ما قدره الله تعالى في اللوح المحفوظ.

وقد التفت سبحانه وتعالى في تصريف بيانه الحكيم من الغيبة إلى الخطاب فقال: (لَتًفْسِدُنَّ فِي الأَرْض مَرَّتَيْنِ) وهذا موضع الإعلام الذي هو معنى ما قضاه اللَّه وتقدم به إليهم في لوحه المحفوظ، واللام لام القسم، والنون نون التوكيد الثقيلة التي تقترن بالقسم وجوبا، والقسم من اللَّه تعالى تأكيد لوقوع الأمر، كما أقسم سبحانه وهو أنهم " يفسدون في الأرض مرتين " وذكر سبحانه أن فسادهم تكون عاقبته أنه يعم الأرض، أي أرض بيت المقدس، أو يسري في الأرض التي تقاربه، أما ما حول بيت المقدس فهو مبارك ببركة اللَّه تعالى، كما قال في أول السورة: (الَّذِي بَارَكنَا حَوْلَهُ)، والفساد بأن لهم، ممن على شاكلتهم في الأرض، وقال سبحانه وتعالى مقسما: (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) فقرن علوهم بفسادهم، وذلك لما استمكن في قلوبهم من الحسد والحقد، وإن اقتران علوهم بالفساد يفيد أمرين: الأمر الأول: أن علوهم يعقبه طغيان، والطغيان يعقبه الفساد.

<<  <  ج: ص:  >  >>