للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَرَسُولُا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ... (٤٩)

* * *

أي بعثه سبحانه وتعالى رسولا إلى بني إسرائيل. ومعنى الكلام: ويجعله أو يبعثه رسولا إلى بني إسرائيل. وذكر بنو إسرائيل خاصة مع أن دعوته كانت تعم كل الذين علموها من اليهود والرومان وغيرهم حتى يجيء من السماء ما ينسخها أو يكملها، وهي الرسالة العامة الخالدة، رسالة محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -؛ والسبب في اختصاص بني إسرائيل بالذكر أنهم هم الذين خرج عيسى من بينهم، فهو منهم، وقد كانوا يدعون أنهم أولى الناس بعلم الرسائل الإلهية، وكانت دعوته بينهم، وانبعثت منهم إلى غيرهم، فكان تخصيصهم بالذكر، فيه إشارة إلى حقيقة واقعة وتوبيخ لهم؛ لأنهم أوتوا العلم برسالات الأنبياء، مع ذلك كفروا برسول مبعوث منهم، أوتي بمعجزات لَا تجعل للعقل مساغا لإنكار.

ولقد ذكر سبحانه في هذه الآيات معجزات عيسى التي أرسله الله بها لإثبات رسالته، فقال سبحانه:

(أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبكُمْ) وهذا النص الكريم فيه معنى هذه الرسالة التي كان بها رسولا، أي أنه يتبين معنى أنه رسول بقوله: (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَة مِّن رَّبكُمْ) فالجملة عطف بيان لمعنى الرسالة المنطوي في الكلام. وفي الكلام التفات وانتقال من خطاب الله لمريم، إلى بيان رسالة بشارة الله إليها، وجاء بيان الرسالة على لسانه هو، وابتدأ بيان الرسالة ببيان إثباتها، وهو المعجزة، وكأن المعجزة جزء من الرسالة؛ لأنها ركنها ودعامتها التي قامت عليها، ولأن معجزة عيسى كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>