للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٦٥).

الاستفهام هنا للإنكار بمعنى نفي الوقوع، وهو داخل على " لم " النافية، ونفي النفي إثبات، فهو بيان لأن اللَّه سخر ما في الأرض، والمعنى قد سخر اللَّه لكم ما في الأرض، وكأن الاستفهام هنا مع النفي تنبيه؛ لأن اللَّه تعالى ذلل ما في الأرض لكم، وقدم (لَكُم) على المفعول وهو (مَا فِي الأَرْضِ)، لبيان أن التسخير من اللَّه تعالى لكم، ليذلل كل ما فيها لإرادتكم ورغباتكم، ومعاشكم، فكل ما فيها ظاهرا فوق أرضها من زروع وثمار، وغابات، وجبال ووهاد، وما في باطنها من معادن وكنوز، وفي بحارها من لآلئ، ولحم طري، كل هذا سخره اللَّه تعالى وذلَّلَهُ لكم، فهي نعم تنادي من أُنعم عليه بها بشكرها، وذكر أمرا في الأرض، وخصَّه بالذكر، لوضوح نعمته تعالى فيه، (وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ)، فهذه الفلك تجري في البحر بإذن اللَّه وأمره وتسييره لها سبحانه وتعالى أنها (بِأمْرِهِ) مع أن كل شيء بأمره، وذلك لأنها في مرأى تسير في البحر ماخرات عبابه، لَا يسيّرها شيء إلا الهواء، فإن التعبير (بِأَمرِهِ) في هذا مسايرة لمرأى العين ومجرى الريح، وهي آية من آيات اللَّه تعالى، ولذا قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ)، وهي تجري في البحر ناقلة ما تحمل من خيرات الأرض إلى أقاليم أخرى، ولذا قال في آية أخرى: (. . . وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ. . .)، فهي تصل الناس بعضهم ببعض بالمتاجر، والرحلات والتعارف والاتصال الدائم بينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>