للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنوا اتَّقوا اللَّهَ وَابْتَغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) النداء موجه للمؤمنين بوصف أنهم مؤمنون؛ لأن مقتضى الإيمان أن يربوا أنفسهم على الخير، وينزعوا منها نوازع الشر، وقد ذكر سبحانه وتعالى الطريق لتربية النفس وتغليب جانب الخير فيها على جانب الشر، وجانب الصلاح على جانب الفساد، وتلك الطريق المثلى مكونة من نقط ثلاث يتكون منها الخط المستقيم الموصل للغاية الفضلى، وهذه النقط الثلاث هي التقوى، وابتغاء الوسيلة، والجهاد في سبيله، والغاية الحسنى هي الفلاح في الدنيا والآخرة، ولنشر بكلمة موجزة إلى معاني التربية في كل نقطة من هذه النقط.

(اتَّقُوا اللَّهَ) أي: اجعلوا بينكم وبين غضب الله تعالى وقاية، بحيث تكون نفوسكم في حصن لَا يدخل إليها الشر وهي فيه، وهذا الحصن هو التقوى التي تملأ القلب بذكر الله تعالى، فلا تحس النفس إلا به سبحانه مسيطرا على كل ما في هذا الوجود، وتحس به رقيبا لَا تخفى عليه خافية من خلجاتها، يعلم ما يخفى كل إنسان وما يعلن، وما يسر به وما يجهر، فيتجه إليه سبحانه وتعالى كأنه يرى ربه في كل عمل يعمله، فإن لم يكن يراه سبحانه فإنه يراه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " (١).


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>