(ثُمَّ) هنا في معناها؛ لأنه كانت مدة بعد الاضطراب وعادت السكينة، ولبعد ما بين الاضطراب والفزع والسكينة، وقد أنزلها برحمة منه، بعد أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في جمع أسبابها، وتلافي أسباب الفشل، واتخاذ أسباب النصر بأن جمع المؤمنين الذين لهم سابقات في النصر وانحازوا إليه واتخذهم قوة الحق واتقاء الهزيمة. وأضاف سبحانه وتعالى السكينة والاطمئنان إليه سبحانه؛ لأن ما يكون من الله لَا يتغير ولا يحول، ولا يتبدل فهي سكينة ثابتة قائمة، تؤتي ثمارها وغايتها.
وقال سبحانه:(عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) بتكرار (عَلَى) للدلالة على أن السكينة عامة ولم تخص، وتأكيدها بالنسبة للمؤمنين، وعبر سبحانه بالمؤمنين، ولم يقل المسلمين للإشارة إلى أن هذه السكينة كانت خاصة بالذين آمنت قلوبهم، واطمأنت بالإيمان نفوسهم.
وقد أيد الله المؤمنين بالملائكة مبشرة بالنصر القريب، وأن لهم الفوز والغلب، والجنود الذين لم يروهم هم الملائكة الذين ملئوا قلوبهم بالطهر والعزم والصبر، وتلك أدوات الحرب، فالأداة الأولى للحرب الطهر والإيمان والعزم والصبر والتوكل على الله تعالى، وألا يغتر المجاهد بعدة، ولا عدد.
ولقد روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشديدة شديدة، أخذ حصيات ورمى بها وجوه الكفار ثم قال:" انهزموا ورب محمد "، ويروى أنه قال:" شاهت الوجوه ".