للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (٥٦) آتى الله تعالى موسى تسع آيات بينات، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ. . .)، وذلك لرسوخ الكفر في نفس فرعون وقومه، فكان لابد من قوارع جسيمة تقرع حِسَّهم لتخرجهم من كفرهم الذي كثفته السنون المتوالية، وتكثف بالحضارة المستمكنة، والعلم المادي الذي كانوا عليه، ولقد بدأهم موسى بالعصا واليد البيضاء من غير سوء، ثم توالت الآيات: الجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، والرجز، وكل ذلك لم يُجدِ في القلب الجاسي المتصلب، والقلوب الخائفة التي تحسب أن الخنوع للفراعنة دين يتبع، ولذا قال:

(وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كلَّهَا) وهذا النص يفيد أن الآيات كلها خوطب بها كل واحدة في ميقاتها، وعند الحاجة إليها، والوعد بالإيمان إذا رفعها الله، كما وَعَدوا بالإيمان إذا رفع الله الرجز عنهم، ولكنه رفعه، (فبغوا) وقبل أن نتكلم في أمر المعجزة الأولى وهي العصا نذكر أمرين، أولهما: أنه سبحانه وتعالى أكد أنه أبي وقد أعطاه الآيات كلها مبينا لها، واحدة بعد الأخرى مع أنه لم يبين هنا إلا آية واحدة وهي العصا، والجواب عن ذلك أن هذا النص الحكيم حكم عام على إبائه وتجبره واستكباره، وقد جاءته الآيات كلها، والإباء ختام لما قدمه موسى، فقد أكد الله تعالى أنه بين له الآيات كلها بـ " اللام " و " قد "، والتأكيد بكل ذلك حق لَا ريب فيه، ولكنه اختص أولى الآيات؛ لأنها التي كانت بها الصدمة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>