للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦)

الإنسان المأسور بالحسّ الذي لَا ينفذ عقله إلى ما وراء الحس من غيب ستره اللَّه تعالى، ولا يؤمن به إلا بنقل صادق، وعلى ذلك يكون المراد بعض الإنسان لا كل آحاده، وعبر عن هذا البعض باسم الكل؛ لأن ما يقوله بعضهم مساير لإحساس الكثيرين منهم، أو لحال الإنسان قبل أن يجيئه النقل القاطع الجازم، ولأنه مشتق من طبيعة الإنسان المأسور بالحاضر المحسوس، لَا القابل المغيب.

وبعضهم يقول: إن الجنس هو المتحدث عنه، فجنس الإنسان يدرك الحس وحده، إلا من رحم ربك.

ويقول تعالى: (وَيَقُولُ الإنسَانُ) عبر بالمضارع للإشارة إلى تكراره، وأنه يذكره مرارا، وللإشارة إلى صورة قوله المتكرر (أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَج حَيًّا) الاستفهام في ظاهر اللفظ ومدلوله داخل على (لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) وتركيب القول، ولكلام اللَّه تعالى المثل الأعلى. لسوف أخرج حيا إذا ما مت، وتأخرت (لَسَوْفَ) على " إذا " الأمرين:

الأمر الأول: أن الاستفهام له الصدارة.

الأمر الثاني: أن موضع الإنكار ليس هو الإخراج إنما هو أن يكون بعد

الموت وأن يصير رميما، كقوله تعالى (. . . مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩).

والمعنى على هذا التخريج: أحقا مؤكدا سوف يخرج حيا مجتمع الأجزاء غير مفرق، و " اللام " لتأكيد الخروج، وسوف لتأكيد الوقوع في المستقبل، ولقد بين سبحانه أنه لَا غرابة في الإعادة بعد الموت فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>