للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤)

* * *

أمر الله تعالى نبيه الكريم أن يبين لهم أن الله تعالى مستجيب لضراعتهم عند تضرعهم، والتجائهم إليه خفية، ووعدهم بأن يخلصوا عبادتهم لله ويشكروه على نعمائه المتضافرة المتكاثرة الحي نعيش في ظلها دائما، وإن كان تعالت حكمته يعلم أنهم غير موفين لعهدهم وأنهم ناكثون في أيمانهم، كما حكى سبحانه وتعالى عن طبيعة الإنسانية المنحرفة، إذ قال تعالت كطماته: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ. . .).

وإن الله تعالى بين أنه لَا ينجيهم مما يعرض لهم من شدائد من خارجهم، وما لَا قبل لهم به وحسب، بل ينجيهم من ذلك، وينجيهم من الكروب الحي تعتري نفوسهم من ضراء تنزل بهم، أو مرض يحل بأجسامهم، ومن كل شيء يكربهم ويلقي غمة النفس عليهم، ولذلك قال سبحانه: (وَمِن كُلِّ كَرْبٍ). ولقد فسر الأصفهاني في مفرداته الكرب فقال: الكرب الغم الشديد (. . . فَنَجًّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)، والكربة كالغمة. وأصل ذلك من كرب الأرض وهو قلبها بالحفر، فالغم يثير النفس إثارة، ويصح أن يكون ذلك من كربت

<<  <  ج: ص:  >  >>