للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ... (١١٩)

أي إنا بعثناك نبيا مرسلا، مقترنة أو متلبسة رسالته بالحق، فهي حق يثبت نفسه، وما فيها حق، وما تدعو إليه حق، والحق وحده كاف لإقناع من يكون عنده قلب يدركه، ويمتلئ قلبه حكمة، وبصيرة، وإذا كان القلب مخلصا أدرك وآمن، يروى أن أكثم بن صيفي حكيم العرب عندما بلغه بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل ولده يسألون عما يدعو إليه فلما ذهبوا إليه تلا عليهم قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُر بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تذَكَّرونَ)، فلما عادوا تلوا على أبيهم ما تلاه عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال حكيم العرب: إن هذا إن لم يكن دينا كان في أخلاق الناس أمرًا حسنًا، كونوا يا بني في هذا الأمر أولاً، ولا تكونوا آخرًا فالحق نور يدعو إلى اتِّباعه.

وقوله تعالى: (وبَشِيرًا وَنَذِيرًا) أي مبينا الحق، ومبينا أن جزاء من تبعه الحسنى، ومبينا أن من يعانده يكون السوء مصيره فـ (بَشِيرًا) بيان لبشرى من يتبع، و (نَذِيرًا) بيان للسوءى لمن يعاند ويجحد، إنما أنت عليك البلاغ وإنما أنت نذير، لما قال تعالى: (وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَيَنَّكَ فإنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ)، و (وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) لست أيها الرسول مسئولا عمن يتردون في الضلال، وهم أصحاب الجحيم، وعبر سبحانه وتعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>