للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (٣) (هذا هو الوصف الأول للمتقين الذين يتلقون هدى الله تعالى كما تتلقى الأرض الطيبة الغيث فتأتي بأطيب الثمرات. والإيمان: التصديق، ويتعدى بالباء لتضمنه معنى الاعتراف والإقرار والإذعان، والخضوع، ويتعدى باللام ويتضمن حينئذٍ معنى الاستسلام أو الاستجابة كما قال تعالى: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لنَا. . .)، قوله: (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى. . .)

، ومن ذلك ما حكى الله تعالى عن اليهود إذ يتآمرون فيقول بعضهم لبعض، (وَلا تُؤْمنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ. . .).

وأول وصف من أوصاف المتقين الذي يميزهم - وهو في غالب أحوالهم سبب لتقواهم - الإيمان بالغيب. والغيب: كل ما يغيب عن الشخص، ويستتر، ولقد فسره العلماء بما يتفق مع أن يكون وصفًا للمتقين، فقالوا أقوالا مختلفة في ألفاظها، وتتلاقى في مضمونها أو المراد منها - فيما نعلم - كلها، ففسروه بأن الغيب هو الله تعالى؛ لأننا نؤمن به ولا نراه، فالبرهان يوجب الإيمان به، وهو لا يُرى بالحسِّ بل يرى بالقلب، وفسروه بأنه القدر، وفسروه بأنه الإيمان بالملائكة،

<<  <  ج: ص:  >  >>