للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣)

الخطاب عام للناس وقالوا: إنه إذا كان النداء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) كان يعم الناس عامة والمشركين خاصة، وإن موضوع القول، وهو عبادة الأوثان يجعل الخطاب للمشركين أَمَسّ وأقرب، و (ضُرِبَ) معناها: بُيِّن، والمثل الحال والشأن، ففيه تقريب حال بحال، فحال ضعفهم الشديد صورها سبحانه بأنهم لعجزهم (لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) فحالهم حال عجز عن خلق أي حي، ولو اجتمعت الأوثان كلها، وكيف تُعبد، وهي لَا تستطيع خلق الذباب، ولو اجتمعت له كل هذه الآلهة التي يعبدونها من دون اللَّه تعالى، و (لَن) هي لتأكيد النفي، وذكر ضمير الأوثان ضمير عقلاء على زعمهم وتفكيرهم، وليسوا أحياء فضلا عن أن يكونوا عاجزين، وعبر سبحانه عن حال عجزهم بالمثل، كأنه مثل مضروب سائر، وبيّن ذلك الزمخشري فقال: " قد سميت الصفة أو القصة الرائعة الملقاة بالاستحسان والاستغراب مثلا تشبيها لها ببعض الأمثال المسيرة لكونها مستحسنة مستغربة ". وإن هذا التصوير السامي الذي سماه جل جلاله مثلا، هو برهان على عدم صلاحيتهم للألوهية؛ لأنها عاجزة محتاجة، والمعبود قادر غير عاجز.

(وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) هذا النص السامي دل على أن هذه الآلهة أعجز من الذباب؛ لأنه يعدو عليها؛ لأنه لو أخذ منها شيئا على سبيل

<<  <  ج: ص:  >  >>