للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ من ذَلِكُمْ ... (١٥)

* * *

الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ يكلفه جل شأنه أن يوجه إليهم ذلك السؤال لينبههم إلى عظيم شأن ما ادخره لهم سبحانه من نعيم مقيم إن أحسنوا، فالاستفهام للتنبيه، وقد حوى من طرق التنبيه ثلاثة: أولها: التعبير بـ (أَؤُنَبِّئُكُم)؛ لأن الإنباء معناه الخبر العظيم الخطير الشأن، وثانيها: التعبير بـ (ذَلِكُمْ) بالإشارة للبعيد للدلالة على عظيم شأن ما سيخبرهم به، وبالتعبير بـ " كم " كأنه يدعوهم جميعا ليستمعوا إلى ما سيخبرهم به، وثالثها: التعبير بـ " خير " الدالة على الأفضلية، وأن نعيم الجنة خير لَا شر فيه قط، وأن نعيم الدنيا لَا يخلو من شر.

وبعد أن كان الاستفهام الذي سيق للتنبيه كان الجواب هو: (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَة ورِضْوَانٌ منَ اللَّهِ) هذه متع الآخرة، وهي أعلى مقاما، وأعظم مكانا من نعيم الدنيا، وهي أربعة:

أولها: (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)، وفي هذه الجنات ما لَا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وثانيها: الخلود، وهو نعمة وحده، فكل ما في الدنيا عرض زائل يعروه الفناء، وما فى الآخرة دائم البقاء.

وثالثها: (وَأَزْوَاجٌ مطَهَّرَةٌ) لَا دنس فيها، ولا ما يشينهن أو يوجد الريب، فلا معكر من شر أو ما يشبهه.

ورابعها: وهو أعظمها بل أعظم ما في الوجود، وهوِ (وَرِضْوَانٌ منَ اللَّهِ) أي رضا عظيم من خالق الخلق، ومبدع الكون ومنشئ الوجود، فالرضوان مصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>