للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)

* * *

ترقبوا وخافوا يومًا يردكم الله سبحانه وتعالى إليه فلا تملكون من أموركم شيئا فيه؛ فإذا ملكتم المال في الدنيا، ففي هذا اليوم لَا تملكون شيئا، وإذا ملكتم المنح والمنع اليوم ففي اليوم الآخر لَا تملكون شيئا. وفي هذا اليوم (تُوَفَّى كلُّ نَفْسٍ ما كسَبَتْ) أي جزاء ما كسبت إن خيرًا فخير، وإن شرا فشر، وكأن ما توفاه عين ما كسبت للمماثلة بين الجزاء والعمل (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) أي لَا ينقصون شيئا من ثواب ما عملوا، ولا يعاقبون على ما لم يعملوا.

وتمت آيات الربا بهذه الآية ترغيبًا وترهيبًا، ترغيبا في القرض الحسن، وترهيبًا من أكل الربا.

ومن الحق علينا أن نختم الكلام في هذه الآيات بكلمات ننقلها عن الأستاذ الإمام محمد عبده، لقد قال رحمه الله:

" يقول كثير من الذين تعلموا وتربوا تربية عصرية، وأخذوا الشهادات من المدارس، ومن هو أكبر من هؤلاء: إن المسلمين مُنوا بالفقر وذهبت أموالهم إلى أيدي الأجانب، وفقدوا الثروة والقوة بسبب تحريم الربا، فإنهم لاحتياجهم للأموال يأخذونها بالربا من الأجانب، ومن كان غنيا منهم لَا يعطي بالربا، فمال الفقير يذهب، ومال الغني لَا ينمو. . وهذه أوهام لم تُقل عن اختبار؛ فإن المسلمين في هذه الأيام لَا يُحكمُون الدين في شيء من أعمالهم ومكاسبهم ولو حكموه في هذه المسألة ما استدانوا بالربا وجعلوا أموالهم غنائم لغيرهم، فإن سلمنا أنهم تركوا أكل الربا لأجل الدِّين فهل يقول المشتبهون إنهم تركوا الصناعة والتجارة والزراعة لأجل الدِّين ".

هذه كلمة الأستاذ الإمام الذي تجنَّى عليه المنحرفون، وقالوا عليه ما لم يقل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>