للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٢٧)

وإذا ما أنزلت سورة هادية مرشدة مبينة الحق وذاكرة أحوال المؤمنين ومن يعاديهم لم يطيقوا سماعها من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن القلب المريض لَا يطيق سماع الحق الذي يكون فيه شفاء له وللناس، ولا يستسيغ الأخذ به، فإذا تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية أو السورة النازلة نظر بعضهم إلى بعض نظرات لها معان عندهم، وهي أنهم ضاقوا بها ذرعا ويريدون أن يخرجوا من المسجد تبرمًا بسماعها، وبغضا فيها، أو تنافرًا عليها، واستهزاء بها، وبعد هذه النظرات الغامزة، أو المنكرة للحق ينصرفون، ولذا قال تعالى: (ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) التعبير بـ (ثم) هنا في موضعه؛ لأنه تفاوت بعيد بين حالين، حال الاستماع، وهو يقتضي الإنصاف والإيمان، وحال الانصراف عن الاستماع إلى الحق والقول الذي هو شفاء للناس.

وقوله: (صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) جملة معترضة بمعنى الدعاء عليهم بأن يكونوا منغمرين دائما في الباطل لأنهم اختاروه وأرادوه، واللَّه لَا يهدي القوم الفاسقين.

ويصح أن نقول إنها بيان لانصرفوا، أي أنهم انصرفوا لأن اللَّه تعالى صرف قلوبهم عن الحق، فصارت قلوبهم معرضة؛ لأن نفوسهم الملتوية جعلتهم لا يقبلون على الحقائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>