للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ).

وإذ - كما ذكرنا - دالة على الوقت الماضي، والمعنى اذكروا ذلك الوقت الذي استسقى فيه موسى لكم، تذكَّروا عطشكم في ذلك الوقت، وكيف استسقى موسى ربه لأجلكم، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يضرب بعصاه الحجر، فضرب، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، هي بقدر عدد الأسباط أولاد يعقوب عليه السلام، وذريتهم من بعدهم، اذكروا ذلك وتذكروه، فإنه معجزة من الله تعالى. فكان لكل سبط عينه، يشرب منها هو ومن معه من سبطه لكيلا يُتزاحم على الماء، فينال الماءَ القويُّ، ويضيع الضعيف، واستسقى، السين والتاء للطلب، أو السؤال، والاستسقاء الضراعة إلى الله تعالى أن ينزل الماء، فهذا الاستسقاء عبادة لأنه دعاء الله تعالى ضارعا إليه أن ينزل عليه الماء، والدعاء المتضرع عبادة في ذاته، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جف المطر، وأجدبت الأرض استسقى. . فقد خرج إلى المصلى متواضعا، متذللا متوسلا متضرعا ودعا ربه أن يسقى المطرَ، فنزل مدرارا، حتى خشي الناس أن يَضُر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم حوالينا، ولا علينا " (١).


(١) عَنْ أنَس بْنِ مَالك قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَة إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَحَطَ الْمَطَرُ؛ فَادع الله أَنْ يَسْقيَنَا. فَدَعَا فَمُطِرنا، فَمَا كِدَنا أنْ نَصلً إِلَى مَنَازلنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَة الْمُقْبلَةِ، قَالَ: فَقَامَ ذَلكً الرجلُ أوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه ادع الله أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا. فَقَالَ رَسُولُ اللهَ - صلى الله عليه وسلم - " اللَهُمَّ حَوَالَيا ولا عَلَيْنَا " قَالَ: فَلَقدْ رَأيْتُ السَّحَابَ يَتَقًطَّعُ يَمينَا وَشِمَالا يُمْطَرُونَ وَلا يُمْطَرُ أهْلُ الْمَدِينَةِ. [متفق عليه رواه البخاري: كتاب الجمعة (٩٥٩)، ومسلم صلاة الاستسقاء (١٤٩٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>