للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ).

يوبخهم على إيمانهم قبل إذنه، فالاستفهام إنكاري لإنكار الواقع، وإنكار الواقع توبيخ، وموضع التوبيخ أنهم آمنوا قبل أن يأذن لهم!!، وكان طاغوته قد سول له أنه ملك قلوبهم وألسنتهم فلا تتحرك إلا بإذنه، وقد رأينا ذلك من فرعون دونه عقلا، وفوقه طغيانا.

ولم يذهب إلى نفسه أنه حق أدركوه، وإيمانا صدقوا به موسى وهارون، بل حكم على أساس من وهمه أنه مؤامرة عليه، وهو الذي اصطفاهم واختارهم من بين رعيته وهم مختارون من الشعب فَموَّه على الشعب بباطله أنها مؤامرة عليه وعلى الشعب، فقال: (إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مكَرْتُموهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا)، أي لتفرضوا على أهلها سلطانا غير سلطانها، فتفقد استقلالها، ولا تكون لها أرضها، ردف ذلك بالتهديد الشديد، والعذاب العتيد، قال: (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)، أي سننزل بكم عذابا تعلمونه بالعيان، لَا بالبيان، و (سوف) هنا لتأكيد الكلام. أصدر الحكم بخياله وهواه، لَا بعقله والبرهان وهو أغلظ عقاب:

<<  <  ج: ص:  >  >>