للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (١٣٣)

* * *

والمعنى الجملي للنص السامي: إن يشأ الله تعالى أيها الناس إفناءكم ويأت بآخرين، فإنه سبحانه وتعالى يفعل، لأنه على ذلك قادر قدرة مطلقة لَا يحدها حد. وهي العامة الشاملة لكل شيء، وهنا نجد جواب الشرط قد حذف ودل عليه قوله تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا) وحذفه مع ما يدل عليه يجعل الذهن يتجه إلى تعرف مدى عظمته وقدرته، وحذف مفعول الشيئة في قوله (إِن يَشَأ) قد دل عليه جواب الشرط في قوله: (يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ).

ومن هم الناس الذين خوطبوا بذلك الخطاب؛. يحتمل هذا وجهين: أحدهما، أن يكون الخطاب للناس في أمة محمد، ومن كانوا قبلهم، ويكون الكلام تابعا لقول القول المقدر عند من قدره في قوله تعالى: (وَإِن تَكْفرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) ويكون أيضا قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) له هذه التبعية. ويكون الكلام كله في خطاب السابقين واللاحقين. وقد قلنا إن ذلك غير الظاهر.

والوجه الثاني أن يكون الخطاب في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو بهذا يشمل المؤمنين والمشركين. ويكون للمشركين بشكل خاص. وإن اختلاف التوجيه على هذا النحو يترتب عليه الاختلاف في جواب الشرط، وهو من الذين يذهبهم الله تعالى، ويأتي بآخرين، وله القدرة التامة على تنفيذ ما يقول تعالى؟ فعلى الوجه الأول يكون المعنى: إن يشأ سبحانه أن يذهب بهذا العالم الإنساني، ويأتي بعالم

<<  <  ج: ص:  >  >>