للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا ... (١٩٣)

* * *

إذا كان ذكر الله يربي القلب، والتفكر يهديه، وهما معا يرفعان المؤمن إلى مرتبة الخوف من الله، فإن التذكر لله والتفكر في خلقه يفتح أيضا القلب للتصديق والإذعان للحقائق الدينية، ولذلك كان من ثمرات التفكر إجابة نداء الحق، والإيمان بالله ورسوله والغيب، ولذلك كان شأن أولئك المتذكرين المتفكرين في خلقه أنهم بمجرد أن سمعوا نداء الإيمان أجابوا. . وهنا بحوث لفظية:

أولها: أن أولئك سمعوا نداء المنادي، ولكن أسند السمع إلى الشخص لكمال الانتباه إليه، ولأن شخص المنادي له أثر في حسن الاستماع لأنه رسول من عند الله، فما اقتنعوا بالحق لذات الحق فقط، بل لأن الداعي صادق أمين.

ثانيها: أنه أطلق المنادي، ثم ذكر بعد ذلك أنه ينادِي بالإيمان وذلك لما فيه من إبهام بعده بيان، فيكون البيان أكثر ثباتا، ولأن الإطلاق أعطى المنادي تفخيما وتكبيرا، ولأن النداء إلى الحق اعتبر كالعنوان له.

وثالثها: أن الإيمان ذكر مطلقا على أنه إيمان بالرب، وذلك للدلالة على الإذعان المطلق لله وللحق والهدى. . اللهم هبنا إيمانا بالحق وإذعانا له، وقد أجابوا نداء الإيمان فقالوا (فآمنا).

وسماع النداء لَا يلزم أن يكون من شخص المنادي، بل يعم السماع من شخصه وتتبع رسالته من بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>