للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)

جاءت آية الصدقات بعد ما جاء عن المنافقين في أحوال كثيرة، وأن منهم من عاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في توزيع الصدقات، فجاءت الآية تبين أن التوزيع من الله سبحانه وتعالى، فلم يتركها لنبي ولا لغيره، تولاها هو سبحانه بالبيان فمن عاب التقسيم، فإنما يعيب تقسيم الله تعالى، فليعلم مكانه في الإيمان، روي عن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيت النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فبايعته، فأتى رجل فقال: أعطني من الصدقة فقال له: " إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات، حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك " (١).

فكانت هذه الآية ردا على هذا الفريق من المنافقين بأنهم يلمزون النبي صلوات الله وسلامه عليه، إنما يتهجمون على مقام الألوهية، ولبيان أنهم إذ لم يأخذوا منها، فلأنهم لم يدخلوا في صنف من هذه الأصناف الثمانية، ومن دخل في صنف منها فما مُنِع، بل أخذ.

وقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَات لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكينِ. . .) (إِنَّمَا) أداة قصر، أي أن الصدقات قد اختصت بها هذه الأصناف دون غيرهم، فليست لأحد غير هؤلاء من الأغنياء والأقوياء الذين يكسبون ما يكفيهم وأهلهم بالمعروف، ولذا قال عليه السلام " لا تحلّ الصدقة لغني، ولا لذي مِرَّة سوي " (٢).

فالذين يلمزون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أغنياء أو أقوياء.


(١) رواه أبو داود: الزكاة - من يعطى الصدقة وحد الغنى (١٦٣٠).
(٢) رواه الترمذي: الزكاة (١٦٣٤)، وأحمد: مسند المكثرين (٦٧٥٩)، والدارمي: الزكاة (١٦٣٩)، وابن ماجه: الزكاة، من سأل عن ظهر غنى (١٨٣٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>