للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ... (٤٥) الاستعانة طلب العون، والمساعدة، وفي استعمال القرآن أنها إذا كانت للمعين تعدت بغير باء، كقوله تعالى: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، وفي الدعاء " اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك "، وإذا كانت الاستعانة بما تكون به الإعانة كانت بالباء، فيقال نستعين بكذا لفعل كذا، وهكذا نجد بالاستقراء استعمال القرآن.

وهنا الاستعانة بشيء ولذا تعدت بالباء فقال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) أي استعينوا على تربية نفوسكم لتكون متعظة فاعلة الخير، آمرة به ولا يتجافى فعلها عن قولها. (بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) والصبر ضبط النفس وسيطرة الإرادة، على الهوى، وسيطرة العقل على الشهوة، فإنه إذا سيطرت الإرادة والعقل والفكر المستقيم انقمعت الشهوات، وإذا انقمعت استقامت النفس، وكان التنسيق بين القول والعمل، وقذف الله في القلب بنور الحكمة، والقول الطيب، والعمل، وكل ما في الحياة يحتاج إلى الصبر، فالجهاد قوته في الصبر، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى " (١)، ونقص الأموال والأنفس والثمرات إنما يكون بالصبر. كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦).

ويقول الفاروق الإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الصبر صبران صبر على المصيبة، وهو حسن، وصبر عن المعاصي وهو أحسن (٢). فالصبر على المعاصي، هو السيطرة على الأهواء والشهوات، وهو تهذيب النفس وتقويمها.


(١) متفق عليه؛ أخرجه البخاري: الجنائز (١٢٠٣). مسلم: الجنائز (١٥٣٤).
(٢) رواه ابن أبي حازم. [جامع الأحاديث والمراسيل (٢١٨٨) مسند عمر بن الخطاب ج ١٤ ص ٩١].

<<  <  ج: ص:  >  >>